إنك تخلّف بنت، زيّ ما يكون الواحد خلِّف علبة ألوان، بالظبط.. كائن ملوّن دايمًا بألوان مبهجة، مُعدية بشكل رهيب. علبة الألوان اللي خلّفتها دي، هتصيبك بلعنة ألوانها، وهتسيب علامة عليك.
الولاد دايمًا بيحبوا الغوامق. مش بعيد وإنت ماشي تلاقي ألوان كتيرة على هدومك، هتلاقي جيب التيشرت اللي ناحية القلب مثلًا بقى لونه أحمر، أو تشوف قوس قزح صغير مرسوم على صدرك اللي بقى رمادي من كُتر شرب السجاير، أو تلاقي نضارتك اللي بتوريك الحياة بقى لونها أخضر، ويمكن حتى تلاقي شعرك الأبيض اللي بدأ ينتشر في راسك، بقى ملوّن هو كمان، إيشي بمبي وإيشي برتقالي.
علبة الألوان اللي بتسيب أثرها دايمًا على كل اللي يلمسها، وتخليك دايمًا ملوّن على الرغم من كآبتك الرمادية اللون، تخليك دايمًا شايف حاجات حلوة متكورة ف وسط الكآبة اللي بتحاول تهرب منها.. مثلًا وإنت ماشي ف حالك ف البيت، هتلاقي هدوم صغيرة ملونة في كل حتة، وفي كل مكان مترّب في شقتك الصغيرة هتلاقي فردة لكلوك بيضا متدخلش ف صوباع رجلك الصغير، أو لعبة بمبية بتتحرك لما تلمسها برجلك، أو دبدوب منفوش بيطلّع صوت غريب لما تدوس عليه من غير ما تاخد بالك.
فيه كائن صغير -بغض النظر عن عياطه المتواصل- لابس ألوان مبهجة دايمًا ومستنيك تطبطب عليه أو تشيله من ع السرير، ومُصرّ كل الإصرار على إثبات وجوده.. فيه بنوتة بتعمل صوت "إنغغغغغغغغغ" وبتضحك في هبل وإنت بتلاعبها.. هتلاقي ألوان كتيرة ف وسط زحمة لون التراب الرمادي أو غوامق ألوان هدومك.
اكتشفت النهارده إن حب الألوان في البنات بيتورّث مع الولادة، ومن جيل لجيل، ممكن تختلف الألوان، بس البنات لها قدرة عبقرية على الحفاظ على التراث ده. حُب الفساتين الملونة في البنانيت وهي بتلعب مع عروستها بيكبر واحدة واحدة معاها، لحد ما يسيطر على لبسها في الكبر، رغم الظروف والإهانات اللي ممكن تتعرضلها في الشارع أو العيلة من تحرش وقرف. لسه قادرة على تغيير مود الجميع بضحكة بيضا، وببرفان مريح للأعصاب ممكن يكون لونه لبني فاتح (اعذروني عشان اسم درجة اللون المظبوطة مش عارف اسمها، أنا ولد مبعرفش في الألوان).
كنت بقول إن النهارده اكتشفت إن موضوع الألوان ده متوارث.. كانت ضلفتين الدولاب مفتوحين، بصيت عليه من بعيد، لقيت نص مليان ألوان مفرحة بتاع مراتي، ونص كئيب مليان غوامق وحاجات سودة وبلوبلاك كتيرة عندي.. اتأملت الموضوع شوية، لقيت البنات بطبعهن مبهجات، ملوّنات، وإحنا يا عيني علينا، ألواننا قاتمة وغامقة.
يا رب أنا عايز أخلّف بنت، تكون ملونة وشبه مامتها، وأوعدك، إننا هنحاول والله، نخلّي نفسيتها مظبوطة على قد ما نقدر، هنحاول نحافظ على روحها المطلوقة ف الملكوت.. يا رب كتّر ألوان الحياة عندي، واسعدنا بما لدينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق