أستيقظ - دائما- قبل أن يرن الموبايل - بدقائق طويلة- معلنا نهاية أحلامي المؤرقة. لا توجد لدي الرغبة في الاستيقاظ !
أشعر أني ثقيل للغاية ومنهك لدرجة المرض.. أصحو، وأذهب لدورة المياه محملقا في المرآة كثيرا: أكنت حقا معها في حلمي الليلة؟!
أشعرت بقربي منها و بأنفاسي الساخنة في أذنيها كما شعرت بوهج قلبها ونوره تحت يدي؟!
أفيق على صوت والدتي من خارج الباب: "خلّصت؟!"
- "أيوة.. لحظة بس بأتوضى"
***
أعود للنظر والتفكير بها.. أزيلها من وجهي بالماء، أتذكر سؤالها: "أنت أكتر حاجة بتخاف منها إيه؟"
-" ولا حاجة.. عمري ما خفت من حد..ولاااا من أي شيء" ..
وأنا صغيّر، كنت بأتصنّع الخوف من ناس معينة؛ عشان أرضي غرورهم وخلاص.. وأخليهم يحسوا بنفسهم..لكن عمري ما خفت.. حتى وأنا في المدرسة - وانتي ما تعرفيش إزاي بيخاف طفل في مدرسة ابتدائي فى الأرياف من مدرسين مدرسته- عمري ما خفت منهم .. حتى لما الفصل بينضرب ماكنتش بأخاف .. بس أبيّن ان أنا خايف.. عشان غرور المدرس، لكنني في الحقيقة لم أكن أخاف!
حين أخسر صديقا، لم أكن أخاف فراقه!!
حين أودع عزيزا، لم أكن أخاف ذهابه بلا رجعة!!
حين أودع ضحكتي، لم أكن أخاف حزني القادم!!
حتى المياه -التي اشتهرت بخوفها -Hydrophobia- لم أكن أخافها .. أقولها فقط لكي يشعر العالم أني أخاف..كباقي البشر!
لم أكن أخاف حتى الموت.. بل كنت أسعى إليه في بعض الأحيان..
لم أكن أخاف (العفاريت) و(أبو رجل مسلوخة) ولا حتى الكلاب السوداء.. كباقى الأطفال
أنا.. لم أكن أخاف!!
فقط أبدأ الشعور بمعنى كلمة (خوف) عندما يرتفع حاجبك الأيسر في عدم تصديق لأقوالي!
ما الفائدة؟!
***
أعود للواقع مرة أخرى على نداء أمي العاشر لي: "يوووه.. أنت هتقعد فى الحمام طول النهار؟ّ"
أخرج أثقل كثيرا مما دخلت.. أذهب لثلاجتنا البيضاء، أفتح بابها العلوي -الفريزر- وأدخل رأسي به و أبقى هناك حتى يخف شعورى بالثقل.. أخرج رأسي مع فتح والدتي لباب الحمام..
أدير ظهري للبيت وأذهب للـ(بلكونة) مكان اختفائي الأزلي..
أدخن سيجارة.. واستعد لنهار مزدحم بالحرارة والألم، وعدم التصديق..